أقرأ أدعية فأتوه في قعر الذكريات قبل إكمالها , يعيدني عقلي فأبدأ من جديد فأتوه , أنشغل بقراءة كتاب فأرى نفسي لا أعرف ما أقول ولا أستوعب ما أقرأه , أحاول النوم فيخونني تعبي ويختفي , هذه هي لحظاتي قبيل وصول طائرتي , أندم لأنني لم أخبر بعض الأحباب قصة سفري ومقابلة أهلي وأعادة ترميم نفسي وأيامي !
جاءت طائرتي وجاء الأحباب, تفصلني عنهم بعض الجدران ومئات الأنفس وعشرات من الجنود -ينتطرونني - أخذوني لغرفة غريبة لم أفهم سبب إحتجازي وانتطرت ساعات فنفذ صبري وبدأت أسأل عن السبب وأرجوهم أن يتركوني لأقابل الأحباب فالقلب يتألم منذ أعوام , لكن الصاعفة كانت في السبب قالو عنّي إرهابي وشككّو في ماهيتي , حاولتُ أن أفهم وأسأل علّي نزلت في بلد غير بلدي , بلدي المسلم الحبيب الذي يحتويني ولا يتشككُ في أموري .
المؤلم أنني في بلدي محتجز في غرفة بتهمة الإرهاب وأحبابي تفصلني عنهم عشرات الأمتار , لبرهة إعتقدتُ أن هذا مقلب بسيط وأنّ الكلّ لبس قناعاَ بذيئاً لإستقبالي وأن الكلّ يرحبُ بي , سألوني عن مخططاتي وعن إتجاهاتي , وأخبرتهم أنني لست بإرهابي وأني جئت لزيارة أهلي وأني مسلم مثلهم! لا أؤذي غيري , فكان عذرهم " لماذا جئت بطائرة تركيا بدل الإمارات" وما أقبحه من سؤال !
كنت أسمع الآذان وأرى مسلمين وأسمع ذكر الله من حين لآخر , نظرت للمرآة إن كان شكلي قد تغير و إن كان هذا هو السبب , لكني كما كنت طبيعي مسلم يذكر الإله , قلبي تألم لحالتي ومعاملة أخوتي لي وكانت نهايتي أن عدت من حيث أتيت دون إعتذار دون توضيح دون دفن الحنين أو مقابلة الأهل والأحباب دون كرامة ولا دين !
عدتُ للبرد ولأوروبا وللضمير -الميت كما اعتقدتُ- عدتُ وعادَ لي أنيني ووحدتي ومأساتي , إستقبلاني رجلان جنديانِ يسألاني عن حالتي وعن سبب رجوعي وما حصل إعتذرا لي واستقبلاني أحسن إستقبال , رجلان جندييان غربيان ليسا بمسلمين ولا لهم علاقة بعائلتي ولا بي , فتمنيتُ أن أبكي على حالي وعلى حال أمتي وإسلامي !
في الغرب إستقبلوني وحافظو على حقوقي وفي بلداني أهانوني وطردوني وإتهموني بالإرهاب إسلامي ضاع في دنيايَ , دفنوه في القبور مع الأجداد وتعاملو معي معاملة العدوّ ! فأيني وأين ديني ؟ أين راحتي ومستقبلي وطفولتي وأحبابي؟
قصة صديق قريب كتبتها لأنني أتألم معه ولأنني أخاف من مستقبل لا أريد أن تخيله!
أعتذر لصديقي لأنني مسلمة أعتذر !
بقلم ميمونة عمر